لتسهيل المصايب وتخفيف الشدائد أسباب:
إذا قارنت حزماً وصادفت عزماً هونت وقعها
وقللت تأثيرها وضرها.
فمنها
1-إشعار النفس ما تعلمه من
حلول الفناء، والمصير إلى
الإنقضاء، إذ ليس للدنيا حال يدوم، ولا لمخلوق بقاء معلوم،
2-ومنها أن تستشعر أن
كل
يومٍ يمر منها شطر، ويذهب منها جانب حتى تتخلى، وأنت عنها غافل، قال الشاعر:
تسل عن الهموم فليس شيء |
|
يقيم فما همومك بالمقـيمة |
لعل الله ينظر بـعـد هـذا |
|
إليك بنظرة منه رحـيمة |
3-ومنه أن
تعلم أن
فيما وقا من الرزايا، وكفا من الحوادث والبلايا، ما هو أعظم من رزيته، وأشد
من بليته.
4-ومنها أن تعلم أن
طوارق الإنسان من دلائل فضله، ومحنه من شواهد
نبله.فعن علي رضي الله عنه "
حذق المرء محسوب من رزقه"، وقال الشاعر:
محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى |
|
كالنار مخبرة بفضل
العـنـبـر |
وقلما تكون محنة فاضل إلا على يد جاهل وبلية
كامل إلا من جهة ناقص قال الشاعر:
فلا غرو أن يمنى أديب بجاهل |
|
فمن ذنب التنين تنكسف الشمس
|
5-ومنها علمه بأنه
يعتاض من الإرتياض بنوائب دهره،
والإرتماض بمصائب عصره صلابة عود، واستقامة عمود، وتجارباً لا يغتر معه برخاء،
وثباتاً لا يتزلزل بعده لكل شدة، وبأساً قال الشاعر:
نوائب الدهر أدبتنـي |
|
وإنما يوعـظ الأديبُ |
لم يمض بؤس ولا نعيم |
|
إلا ولي فيهما نصيبُ |
6-ومنها
التأسي بالأنبياء والأولياء السلف والصالحين، فإنه لم يخل أحدهم مدة عمره عن تواتر
البلايا، وتفاقم الرزايا، وليشعر نفسه أن ينخرط بذلك في سلك أولئك الأقوام، وناهيك
به من مقام يسمو على كل مقام.
سئل الحسن بن علي رضي الله عنهما: من أعظم الناس
قدراً؟ فقال: من لم يبال في يد من كانت.
قال بعضهم: إن هذا الموت قد نغص على أهل
النعيم نعيمهم فاطلبوا نعيماً لا موت معه.
قال الحسن رضي الله عنه: فضح الموت
الدنيا ما ترك لذي لب فرحاً.
أبو تمام
إذا اشتملت على اليأس القلوب |
|
وضاق لما به صدر الرحيب |
وأوطنت المكاره واطمأنـت |
|
وأرست في مكانتها الخطوب |
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً |
|
ولا أغنى بحيلـتـه الأريب |
أتاك على قنوط منه غـوث |
|
يمن به اللطيف المستجـيب |
فكل الحادثات وإن تنـاهـت |
|
فموصول بها فرج قـريب |
لبعضهم
وكم غمرة هاجت بأمواج غمرة |
|
تلقيتها بالصبر حتى تـجـلـتِ |
وكانت على الأيام نفسي عزيزة |
|
فلما رأت صبري على الذل ذلتِ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق