دع الوشاة َ وما قالوا وما نقلوا | بيني وبينكمُ ما ليسَ ينفصلُ |
لكمْ سرائرُ في قلبي مخبأة ٌ | لا الكتبُ تنفعني فيها ولا الرسلُ |
رسائلُ الشوقِ عندي لوْ بعثتُ بها | إليكمُ لم تسعها الطرقُ والسبلُ |
أُمسِي وَأُصبحُ وَالأشواقُ تَلعبُ بي | كأنما أنا منها شاربٌ ثملُ |
وَأستَلذّ نَسيماً من دِيارِكُمُ | كأنّ أنفاسَهُ من نَشرِكُمْ قُبَلُ |
وكم أحملُ قلبي في محبتكمْ | ما لَيسَ يَحمِلُهُ قلبٌ فَيحتَملُ |
وكمْ أصبرهُ عنكمْ وأعذلهُ | وليسَ ينفعُ عندَ العاشقِ العذلُ |
وا رحمتاهُ لصبًّ قلّ ناصرهُ | فيكمْ وضاقَ عليهِ السّهلُ وَالجبلُ |
قضيتي في الهوى واللهِ مشكلة ٌ | ما القولُ ما الرأيُ ما التدبيرُ ما العملُ |
يَزْدادُ شعريَ حُسناً حينَ أذكرُكُم | إنّ المليحة َ فيها يحسنُ الغزلُ |
يا غائبينَ وفي قلبي أشاهدهم | وكلّما انفَصَلوا عن ناظري اتّصَلوا |
قد جدّدَ البُعدُ قرْباً في الفؤاد لهمْ | حتى كأنهمُ يومَ النوى وصلوا |
أنا الوفيُّ لأحبابي وإنْ غدروا | أنا المقيمُ على عهدي وإن رحلوا |
أنا المُحبّ الذي ما الغدرُ من شيَمي | هيهاتَ خُلقيَ عنهُ لَستُ أنتَقلُ |
فَيا رَسُولي إلى مَنْ لا أبُوحُ بهِ | إنّ المُهِمّاتِ فيها يُعرَفُ الرّجلُ |
بلغْ سلامي وبالغْ في الخطابِ لهُ | وقَبّلِ الأرْضَ عني عندَما تَصِلُ |
بالله عَرّفْهُ حالي إنْ خَلَوْتَ بهِ | ولا تُطِلْ فحَبيبي عندَهُ مَلَلُ |
وتلكَ أعظمُ حاجاتي إليكَ فإنْ | تنجحْ فما خابَ فيك القصْدُ والأملُ |
ولم أزلْ في أموري كلما عرضتْ | على اهتمامكَ بعدَ اللهِ أتكلُ |
وليسَ عندكَ في أمرٍ تُحاوِلُهُ | والحمد للهِ لا عجزٌ ولا كسلُ |
فالنّاسُ بالنّاسِ وَالدّنيا مكافأة ٌ | والخيرُ يذكرُ والأخبارُ تنتقلُ |
وَالمَرْءُ يَحتالُ إن عزّتْ مَطالبُهُ | وربما نفعتْ أربابها الحيلُ |
يا منْ كلامي له إن كانَ يسمعه | يَجدْ كَلاماً على ما شاءَ يَشتَملُ |
تَغَزّلاً تَخلُبُ الألْبابَ رِقّتُهُ | مضمونه حكمة ٌ غراءُ أوْ مثلُ |
إنّ المليحة َ تغنيها ملاحتها | لا سِيّما وَعَليها الحَلْيُ وَالحُلَلُ |
دَعِ التّوَانيَ في أمْرٍ تَهُمّ بِهِ | فإنّ صرفَ الليالي سابقٌ عجلُ |
ضَيّعتَ عمركَ فاحزَنْ إن فطِنتَ له | فالعُمرُ لا عِوَضٌ عنه وَلا بَدَلُ |
سابقْ زمانكَ خوفاً منْ تقلبهِ | فكَمْ تَقَلّبَتِ الأيّامُ وَالدّوَلُ |
وَاعزمْ متى شئتَ فالأوْقاتُ واحدة ٌ | لا الريثُ يدفعُ مقدوراً ولا العجلُ |
لا تَرْقُبِ النّجمَ في أمرٍ تُحاوِلُهُ، | فالله يَفعَلُ، لا جَديٌ وَلا حَمَلُ |
مع السعادة ِ ما للنجمِ من أثرٍ | فلا يغركَ مريخٌ ولا زحلُ |
الأمرُ أعظمُ والأفكارُ حائرة ٌ | والشرعُ يصدقُ والإنسانُ يمتثلُ |